شهد اليوم الرابع من فعاليات مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في دورته الرابعة عشرة (دورة الفنان نور الشريف)، إقامة ندوة عن السينما الموريتانية بمناسبة اختيارها ضيف شرف الدورة الحالية من المهرجان، شارك فيها الفنان مصطفى البان رئيس مهرجان نواكشوط السينمائي، والفنان سالم دندو رئيس مصلحة السينما الموريتانية، وأدارت الندوة للنقاش الناقدة الفنية هالة الماوي، وذلك بحضور السيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان.
وفي البداية، قال مصطفى البان رئيس مهرجان نواكشوط السينمائي، إن همام الفال يعد الأب الروحي وصاحب الشرارة الأولى للسينما الموريتانية، وكان له دور بارز في الصناعة السينمائية حيث استثمر في إنشاء عدد من دور العرض، وكان سببا في تعرف الناس على هذا النوع من الفنون، ولكن في الثمانينات، حدث تراجع كبير في السينما الموريتانية، وخلقت حالة من حالات الخصومة مع الفنون بشكل ما وبسبب النظام الحاكم آنذاك، حتى أخر التسعينات حيث بدأت مرحلة أخرى مهمة للسينما، وظهر فيها عبد الرحمن سيساكو، والذي حاول من اللحظة الأولى على تأسيس قاعدة جماهيرية للسينما، وإنهاء الخصومة بين المجتمع والسينما.
وأضاف “البان” أن سبب القطيعة التي خلقت بين المجتمع والسينما، كان سببها النظرة والانطباع السائد الذي خلقه بأن السينما شىء من الجن، وبسبب المشاهد الجريئة اعتبروها أيضا نوع من الفجور، لكن الوضع بدأ يتغير، لكن اختلفت النظرة لفن السينما بعد ذلك شيئا فشيئا، بفضل السينمائيين الذين حملوا راية السينما وقدموا تجارب مهمة، وقاموا بتأسيس مهرجان نواكشوط السينمائي، الذي كان طفرة سينمائية كبيرة في موريتانيا قبل أن يتوقف عام 2019، لأسباب تمويلية، إلى أن عاد مرة أخرى عام 2023، وحينها حاولت فريق المهرجان تلافي أخطاء الماضي حتى لا يتوقف مرة أخرى.
وأوضح رئيس مهرجان نواكشوط السينمائي، أنه في الوقت الحالي، أصبح هناك حركة سينمائية جيدة، وأصبح هناك جيلا من صناع الأفلام تجري في دمائهم السينما، لكن المشكلة أن حجم الإنتاج بالكامل لازال منصب على إنتاج الأفلام القصيرة، ولا توجد أفلاما روائية طويلة، وربما الذي حاول الخروج عن هذا النمط، هو الفنان سالم دندو، والآن أصبح هناك توجه لإنتاج أفلام روائية طويلة.
من جانبه قال سالم دندو رئيس مصلحة السينما بمعهد الفنون الموريتاني، إنه لا يمكن الحديث عن السينما الموريتانية دون التعرف على موريتانيا نفسها، مشيرًا إلى أن المجتمع الموريتاني مجتمع بدائي جدا، ورغم خروج المستعمر منه في خمسينيات القرن الماضي لكنه ظل مجتمع بدوي، وبالتالي هو مجتمع محافظ جدا، يرفض كل ما هو مخالف لتقاليده الدينية، حتى أن الناس في البداية كانوا يعتقدون أن الصور السينمائية من عمل الشيطان.
وأوضح “دندو” أن السينما الموريتانية تأسست عام 1958 وظلت المرحلة الأولى حتى عام 1978، ولكنها كانت أشبه بالتجارب، لكن بفضل الأفلام المصرية والعربية التي عرضت خلال تلك الفترة بدأ المجتمع الموريتاني يتعرف على هذا الفن، وكذلك بدأت تلعب السينما دوراً ثقافياً دينياً وخاصةً عند البدو، الذي كانت تلك الأفلام وسيلة لهم للتعرف على الشعائر الدينية، لكن مع نهاية السبعينيات وما حدوث انقلابًا سياسيا في البلاد، أحدث انقلابًا اجتماعيًا وثقافياً في موريتانيا، ومن ثم عادت النظرة إلى السينما إلى الصورة البدائية التى ترى فيها على أنها نوع من أنواع فجور.
ولفت “دندو” أن التليفزيون والصحافة الملونة المطبوعة تأسسوا فى أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات، وبالتالي فتلك الأشياء حديثة العهد، وهذه الفترة ليست كافية بالتأكيد لتأسيس فنون مسرحية وسينمائية قوية، وبالتالي ورغم وجود أرضية صالحة للإنتاج السينمائي ورغم وجود مواهب كبيرة، لكننا نحتاج 100 عام حتى نصل إلى مستوى السينما المصرية، وبالتالي فلا يوجد صناعة حقيقية في موريتانيا لكن هناك تجارب واجتهادات.
وأوضح رئيس مصلحة السينما الموريتانية، أن في الوقت الحالي أصبح هناك اهتماما حقيقياً بالفنون، وبدأنا نصنع شبكة من العلاقات مع السينمائيين المصريين والمغاربة لتقديم ورش، وحتى يطلع الشباب السينمائي على تجارب مختلفة، ونصنع جيلاً جديداً، كما أن الدولة الموريتانية أصبحت تهتم بالفنون، بعدما قام الرئيس الموريتاني بتخصيص جائزة للفنون تبلغ قيمتها 4 آلاف دولار، وتم تأسيس معهد للفنون، ومن خلال نوافذ الأفلام أصبح هناك نافذة لسينما دول الجوار مثل المغرب والسنغال.
وأضاف سالم دندو، أن السينمائيين في موريتانيا عاشوا حالة من النضال الطويل على مدار 40 عاما، خاصة مع المشايخ الذين كانوا يحرمون السينما، قبل أن تخرج فتوى من كبار المشايخ بأن السينما ليست من المحرمات، وأن دار السينما ستظل قائمة، وهو ما مثل انتصارا كبيرا لصناع السينما في موريتانيا.