“العين تخاف واليد تصنع”.. قصة شاب نجفي يحوّل خردة النجارين إلى فن (صور)

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

2025-02-08T13:09:23+00:00

شفق نيوز/ في واحدة من أهم الحواضر في تأريخ بلاد الرافدين، في مدينة الحيرة الأثرية بقضاء المنارة، إحدى المدن العراقية التابعة إلى محافظة النجف في منطقة الفرات الأوسط، يستلهم الشاب أحمد رزاق صادق، من أصول مدينته الفن والإبداع ويؤسس لنفسه عملاً فنياً لا يقصد به رزقاً أو مكسباً للعيش.

ويمتهن أحمد مهنة “الندافة” الأزلية ويتخذها مصدراً لرزقه، وهو ماهرٌ أيضاً في عمله ويطرز بأنامله أجمل المفروشات المنزلية، إلى جانب شغفه الكبير في الرسم فهو أيضاً أبدع في مجال صناعة المجسمات والقطع الفنية من خردة النجارين الذين صادف وجودهم بالقرب من مكان عمله في ندافة الأقمشة والإسفنج. 

ويقولُ أحمد لوكالة شفق نيوز: إن “هوايتي من الصغر أن أجمع القطع الخشبية للاستفادة منها وقضاء بعض الوقت، مع هوايتي في الرسم وتخيل الأشياء ورسمها على الورق، ومن خلال هاتين المهارتين بدأت بعمل المجسمات الفنية وتحويل كل ما تراه عيني وتعجب به إلى قطع خشبية مميزة أصنعها بشغف واهتمام كبيرين”.

تحويل الخردة إلى تحف

ويتابع أحمد، أن “موقع عملي في مجال الندافة سهّل علي الكثير من الأمور وذلك بحكم علاقتي بكل النجارين في سوق الحيرة وقربهم من مكان العمل، وبهذا بدأت فكرة الاستفادة من الخردة (بقايا الخشب) والاستماع لنصائحهم في اكتساب مهارات النجارة وتحويل هذه الخردة إلى قطع فنية نادرة وجميلة تلفت الأنظار”.

وأوضح، أن “بداية الفكرة تكون صعبة عليَّ وأقول بيني وبين نفسي كيف سأنجز هذا المجسم، ولكن بعد خوض العمل اتفاجئ مما صنعت يداي وكيف وصلت إلى هذه المرحلة من الدقة في الإنجاز، وحتى الناس يشجعونني دائماً على الاستمرار والمثابرة، وأتخذ من المثل الروسي (العين تخاف واليد تصنع) مثالاً للعمل والمثابرة”.

دمج المواهب

ويوضح أحمد طريقة عمله قائلاً: إن “مراحل صناعة المجسمات عديدة وتأخذ وقتاً طويلاً وتبدا من لحظة إعجابي بشيء معين كـ السيارات والسفن والبواخر أو البنايات الكبيرة وناطحات السحاب وغيرها من الأمور الملفتة، وتبدأ أولى المراحل بمشاهدة تقرير عن ما أريد تجسيمه وأبدأ بدراسة أساسيات العمل ومن بعدها أرسمه بحجم ملائم على ورق معين”.

وأردف، بالقول إن “المرحلة الثانية تبدأ بصناعة الهيكل وأنا في محل عملي بالندافة ومن خلال تحديد القياسات في مرحلة الرسم، وعند الانتهاء من الهيكل أنقله إلى منزلي لتبدأ أهم المراحل والتي عادة ما تكون مطولة و مصحوبة بالتركيز والفن والخيال والهدوء، ولا أعمل به بشكل مستمر بل متقطع وفق أوقات فراغي واستقراري النفسي، وتصل أحياناً فترة العمل إلى الشهرين أو سنة كاملة حسب حجم و نوع المجسم”.

موهبة فطرية أم دراسة؟ 

وأكد أحمد، أن “العمل بهذا المجال بشكل عام أعتبره عالم خاص وخيال أعيشه مع نفسي لأشعر بعدها بإعجاب الناس وتفاجئهم بما صنعت، ولم أتخذ هذا المجال للتجارة أو البيع والربح، وأنا بدأته فطرياً لم أدرس يوماً الفنون الجميلة أو أدخل دورات النحت بل لم أكن نجاراً أو أعمل في النجارة، إنما موهبة طورتها و صقلتها لتزداد بمرور الوقت وأصبح متقناً لعملي”.

وأوضح، أن “المراحل النهائية لإنجاز العمل تبدأ بعملية الصبغ وعادةً ما أصبغ المجسم في الشارع أمام منزلي بمنطقة شعبية وهذا الأمر جعل المارة والجيران ينتظرون لحظة صبغ المجسمات ليتجمعوا ويتفرجوا على جمالها ودقة نحتها وهي في أغلب الأحيان تكون كبيرة الحجم وتلفت الأنظار”.

الطموح والحلم

يطمح أحمد في نهاية حديثنا معه أن ينظم معرضاً كبيراً يضم كل مجسماته التي تجاوز عددها 30 مجسماً، ليكون مكاناً ٱمناً لها، ويمتنع أيضاً عن بيعها رغم المبالغ التي قدمت له ومن جميع المحافظات العراقية، لكنه يرى فيها جهداً لا يشترى بمال، وشغفاً يحقق به رغباته ويبعد نفسه عن مشاغل الحياة.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً