“السلطوية” تقيد حراك الناشطين البيئيين في العراق ومنظمة دولية تقترح حلولاً

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

2025-02-07T13:43:35+00:00

شفق نيوز/ حذرت مؤسسة “مبادرة الإصلاح العربي” البحثية التي تتخذ من باريس مقراً لها، من أن عمل الناشطين البيئيين في العراق يفتقر إلى الاستقلالية في ظل رسوخ “السلطوية”، وهو ما يؤثر على نشاط الجمعيات البيئية التي أصبحت مضطرة إلى القيام بأدوار “سطحية” لا تساهم في معالجة الأسباب الجذرية للتدهور البيئي أو الحد من تداعيات التغيير المناخي.

وبرغم أن التقرير البحثي بعنوان “العراق: التعامل مع تحديات البيئة في ظل تصاعد الاستبداد”، طرح عدة توصيات لتعزيز العمل البيئي في العراق وحمايته، إلا أنه اعتبر أن هناك حاجة إلى إصلاح النظام السياسي الذي فُرض على العراق من خلال الغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا، والذي أتاح ترسيخ نفوذ الأحزاب السياسية والميليشيات التي لا تخدم سوى مصالحها الخاصة.

وبعدما أشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن العراق شهد خلال السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في النشاط البيئي، أوضح أن هذا التحول تحقق في سياق ما تم تقديمه في كثير من الأحيان على أنه استقرار جديد، بسبب غياب النزاع المسلح النشط في البلاد منذ العام 2017.

إلا أن التقرير رأى أن جهود “الاستقرار” هذه تفسح في المجال امام جهود “التنمية”، مضيفاً أن العراق يتعايش أيضاً مع العنف البطيء للحروب التي طال أمدها، والارتفاع الكبير والسريع في إنتاج النفط، وآثار التغيير المناخي مع انتشار التلوث وأزمات الصحة العامة، وكذلك في جفاف الأنهار والبحيرات القديمة والتصحّر، وهو ما يدمر سبل العيش ويتسبب في هجرة جماعية في أنحاء البلاد كافة.

ولفت التقرير إلى أن تزايد الاهتمام بالبيئة جاء أيضاً بعد انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019، والتي ردت عليها الحكومة والميليشيات المرتبطة بها بحملة قمع واسعة ضد حرية التعبير والتجمع، وهو ما زاد من خطورة أي شكل من أشكال النشاط.

وتابع التقرير أن هذه الدراسة ترصد كيفية تفاعل الناشطين البيئيين في العراق مع هذه السياقات والتحديات المعقدة، وهي تستند على 30 مقابلة أُجريت في أربيل والسليمانية وبغداد والبصرة بين أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر 2024 مع منظمات بيئية غير حكومية لديها برامج بيئية، وأكاديميين، وصحفيين، وناشطين، وما تواجهه من أعمال انتقامية وتهديدات بسبب عملها في العراق، ولهذا فقد تم إخفاء أسماء جميع الأشخاص الذين تمت مقابلتهم حفاظاً على سلامتهم.

وذكر التقرير أنه من أجل التغلب على السلطوية المتزايدة للدولة العراقية، فإن دعاة حماية البيئة يميلون إلى تبني مبادرات صغيرة مؤطرة بشكل جيد، وعادة ما يقدمونها على أنها دعم للحكومة في حل بعض المشاكل البيئية التي تواجهها، وهو نهج يعني أيضاً أن الحركات البيئية في العراق تفتقر إلى الاستقلالية، وأن بعض القضايا، خصوصاً تلك التي قد تضر بمصالح الأعمال أو مكانة النخبة السياسية، تبقى خارج نطاق اهتمامات الحكومة.

وتابع التقرير أنه كنتيجة لذلك، فأن المبادرات البيئية في العراق تميل إلى القيام بتدخلات سطحية لا تساهم بكثير في معالجة الأسباب الجذرية للتدهور البيئي أو الحد من تأثيرات التغيير المناخي، مضيفاً أن هذه الديناميكيات تتفاقم بسبب هياكل التمويل للمنظمات المانحة التي تفضل تقديم المنح للمشاريع صغيرة الحجم والمحددة زمنياً والتي يمكن قياس نتائجها بسهولة.

ورأى التقرير أن تبني مثل هذه التكتيكات غير التصادمية في العراق الاتحادي هو نتيجة لحملة القمع المتزايدة على المجتمع المدني فيما بعد تشرين، مضيفاً أن حالات التنازع الجماهيري في إقليم كوردستان نادرة نسبياً وغالباً ما تركز على قضايا مثل الرواتب وتوفير الخدمات، بينما كانت هناك حالة واحدة على الأقل من التعبئة الجماهيرية في العراق الاتحادي استجابة للقضايا البيئية في السنوات الأخيرة في شكل تظاهرات المياه في البصرة العام 2018.

واعتبر التقرير أنه من أجل التغلب على السلطوية المتزايدة في العراق، فإن دعاة حماية البيئة يميلون إلى تبني مبادرات صغيرة النطاق ومحدودة زمنياً، والتي يضعونها في إطار دعم الحكومة في معالجة القضايا البيئية بدلاً من اتخاذ موقف عدائي علني، مضيفاً أن هذا النهج تأثّر أيضاً بهياكل تمويل الجهات المانحة، التي تميل إلى تفضيل المشاريع الصغيرة الحجم والمحدودة زمنياً.

ورأى التقرير أن هذه الديناميكيات تعني أن الحركات البيئية في العراق تفتقر إلى الاستقلالية، الأمر الذي أثر بدوره على تحديد أولويات القضايا، ما أدى إلى حصر العمل البيئي في المجالات التي لا تضر بمصالح الشخصيات والجماعات الدينية والسياسية والمسلحة القوية.

لكن التقرير اعتبر أن التصدي للتدهور البيئي الواسع في العراق يتطلب تعبئة أوسع نطاقاً وأكثر منهجية بالإضافة إلى فهم الأسباب الجذرية لموجات الحر وأزمات الصحة العامة والجفاف التي يعاني منها العراقيون حاليا، مضيفا أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك وهو إصلاح النظام السياسي الذي فُرض على العراق من خلال الغزو والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة وبريطانيا، والذي سمح بترسيخ الأحزاب السياسية والميليشيات التي لا تخدم سوى مصالحها الخاصة، بما في ذلك على نحو متزايد من خلال القمع العنيف للنشاط والأصوات الناقدة.

واقترح التقرير عدة توصيات للمانحين الدوليين والمنظمات البيئية العالمية، من بينها إنشاء آلية لتنسيق التمويل وتعميمه لمنع ازدواجية المشاريع وضمان وصول التمويل إلى المنظمات الجديدة التي يقودها الشباب، بدلاً من اقتصاره على المنظمات الراسخة التي قد تكون أقل قدرة على تحفيز العمل الجماهيري.

كما دعا التقرير إلى النظر في طرق لجعل التمويل أكثر استدامة، من خلال مساعدة المنظمات غير الحكومية على إنشاء مؤسسات اجتماعية قد تسمح لها بمواصلة تمويل المشاريع بنفسها ودفع الرواتب والتكاليف الأساسية حتى عندما ينفد تمويل الجهات المانحة، مضيفاً أن ذلك قد يساهم في تقليل المنافسة على التمويل الدولي وزيادة فرص التواصل والتعاون بين المنظمات غير الحكومية.

ودعا التقرير إلى استشارة الجهات الفاعلة المحلية الناشطة في الحركات البيئية في العراق بشأن تصميم المشاريع وأهدافها، بدلاً من إعطاء الأولوية للمشاريع التي تقوم بتدخلات سطحية وتحقق نتائج ملموسة خلال فترات قصيرة.

وأوضح التقرير أن من شأن ذلك أن يجعل المشاريع أكثر فعالية، فضلاً عن ضمان أن أي عمل يتم القيام به يأخذ سلامة الجهات الفاعلة البيئية التي تحدد نفسها بنفسها في الاعتبار.

وبالإضافة إلى ذلك، دعا التقرير إلى إعداد مبادرة لتبادل المعرفة بين الجهات الفاعلة في إقليم كوردستان والعراق الاتحادي، لزيادة التنسيق وتبادل الخبرات والتجارب.

واقترح التقرير أيضاً ضمان أن جميع المشاريع الممولة تأخذ نهجاً متعدد الجوانب للقضايا المطروحة، بما في ذلك أن تكون الفئات المهمشة، بما في ذلك النساء وسكان المناطق الريفية، محورية في تطوير المشاريع وتنفيذها.

ودعا التقرير إلى الاستفادة من القوة الدبلوماسية والوضع المحمي للأهوار العراقية كموقع تراث عالمي لليونسكو وبموجب “اتفاقية رامسار”، لوقف توسع الصناعات الاستخراجية في الأراضي الرطبة. وهذا أمر مهم لدعم جهود الناشطين والحملات الشعبية لإنقاذ الأهوار. 

كما اقترح التقرير استخدام الصلات مع الوزارات ومنصب الوسيط لمساعدة الناشطين البيئيين في الوصول إلى البيانات الحكومية.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

‫0 تعليق

اترك تعليقاً